الغضب(1): حل المشكلات
تحرير/ Reem صور/ أشرف مسعد
ندى إبراهيم
- عندما نتحدث عن الغضب يجب أن ننظر إليه من عدة زوايا وليس زاوية واحدة. فالغضب قد يكون ضارا عندما يكون سببا في أن نخسر أشياء تعز علينا ثم نقع في بؤرة الندم، وقد يكون ضارا للغاية إذا تركناه يتفاقم ويصل إلى مرحلة الاضطراب الذي يجب أن يعالج على الفور؛ عندما يكون هو ذلك الحاضر المدمر بصورة مستمرة وزائدة كثيرا عن الحد في حياتنا اليومية وفي علاقاتنا مع الآخرين وفي علاقتنا مع ذاتنا، مسببا لنا أمراض نفسية وجسمية. وقد يكون مفيدا عندما نرسم الحدود ونضع القواعد التي تحدد ملامح رئيسة أو تفاصيل هامة في حياتنا تبلور ما لنا وما علينا. وقد يكون مفيدا بصورة أكبر عندما يكون الوقود الذي يحرك ثورات التغيير الاجتماعي والنهوض بالمجتمعات والمطالبة بحقوق فئاتها.
- فأي غضب يكون مفيدا بناء؟ هل الغضب يعني الصوت العال أو الاعتداء على الآخرين أو تدمير أنفسنا ؟!
- المشكلة ليست في الانفعال ذاته، وإنما في الطريقة التي نسلكها في التعبير عنه؛ عندما تكون بصورة مبالغ فيها فتسبب لنا العديد من المشاكل، أو عندما يُكبت فيؤدي الكبت المستمر إلى نتائج عكسية حيث الغضب لأتفه الأسباب أو الانفجار غير المتوقع.
- · لذلك نتناول هذا الموضوع في سلسلة من المقالات التي تشرح بالتفصيل عدد من الاستراتيجيات التي يمكن أن نستخدمها للتعامل مع هذا الانفعال بصورة صحيحة، وحل مشكلاتنا معه بصورة جذرية.
حل المشكلات
- عندما تواجه مشكلة فإن أول شيء يجب أن تفعله هو أن تهدأ، وتستجمع قواك وتصف ذهنك؛ ليعمل عقلك على حلها بطريقة عقلانية. فالعصبية والمحاولة العشوائية المتهورة لإيجاد حل، لن تجلب لك إلا مزيدا من التوتر والتعثر والقلق.
- اخرج نفسك من الصورة، انظر إليها من بعيد، تخيل حلولا للمشكلة ودوّنها؛ ثم اختر من بين الحول أفضلها لتجربته.
- " لا خاب من استشار ". فاستشارة الآخرين وأخذ آرائهم سيوسع لك آفاق الحل ويزيد من رؤيتك. استشر المقربين إليك، وأصدقاءك، ومن تثق بآرائهم وحكمتهم، وأصحاب التجربة.
- الغضب لمشكلات وهمية:
- ليس شرطا أن يحدث الغضب لسبب مباشر، فقد
يكون هناك مصدر داخلي باعث دائما للتوتر. فنجد الغضب حينئذ ستارا يخفي خلفه الكثير
من الصراعات والاضطرابات، والتي تكون بمثابة النار التي تكمن خلف الرماد.
ففي بعض الأحيان يكون الغضب انفعالا
ثانويا ناتجا عن انفعالات رئيسة؛ كالحزن، أو الخوف، أو القلق، أو الفقدان،
أو حتى للرغبة في السيطرة الناتجة عن قلة الثقة في النفس وعدم الأمان الداخلي وعدم
التحكم الحقيقي.
- فعندما تجد نفسك تغضب بصورة مبالغ فيها
ولأسباب لا تستحق كل ذلك الانفعال، ابدأ في التفكير مطولا وبعمق لمعرفة الأسباب
الحقيقية التي تكمن وراء المشكلة. فمعرفتك بالسبب الرئيسي الذي يستثير غضبك في كل
مرة، هو أول الخيط الذي سيؤدي بك إلى حل الأمر بصورة جذرية.
- حل النزاعات:
- عندما تغضبنا تصرفات شخص ما فإن رد فعلنا
لا يجب أن يكون صب جم غضبنا عليه، ولا يكون بالانسحاب والكبت والضغط على أنفسنا في
كل مرة نتعامل معه؛ لكن إذا كان هذا الشخص مهما بالنسبة إليك وفي دائرة علاقاتك،
فيجب أن تجلسا معا على مائدة الحوار للوصول إلى تسوية وحل النزاع
بينكما.
- اكتب قائمة بالنقاط الرئيسة التي تود
مناقشتها قبل الحوار؛ حتى تكون الرؤية لديك أكثر وضوحا وأقل تشوشا.
- لا تجلس إلى مائدة الحوار مستبقا توقعات
بفشله.
- انصت عندما يتحدث الطرف
الآخر وابد الاهتمام من خلال تعابير وجهك، ولا تحضر في عقلك الكلمات والعبارات
التي سوف تصعقه بها في ردك عليه؛ فهذا يجب أن يكون حديثا، لا "معركة
حديث"!
- من الطبيعي أن نصبح "دفاعيين"
عندما يتم انتقادنا، لكن تجنب قول أشياء تندم عليها لاحقا. فللكلمة أكبر تأثير
بالإيجاب أو السلب؛ فتمهل وفكر، وتعلم كيف يمكن أن توجه كلمتك لتكون مثمرة لا
هدامة.
-التحدث مع شريكك في أي مشكلة تواجهكما
بعقلانية وبهدوء، فضلا عن أنه سيجنبكما المشاكل التي تنجم عن العنف اللفظي والجسدي
أو الكبت؛ فإنه سيجعلكما أقرب إلى الحل، كما أنكما ستقفان على نقاط القوة والضعف
في العلاقة مما يهيئ لتطويرها باستمرار.
- هدوءك من دوره أن يقلل من غضب الآخر؛ لكن
فرّق بين (الهدوء) و (اللامبالاة).
-لا تقرأ الأفكار، ولا تكمل كلامهم قبل أن
يفعلوا حتى لو كنت تعلم ما سيقولونه. اعط الآخر فرصته ومساحته في الحديث.
- لا للفوازير: لا تتوقع أن
يحرز الطرف الآخر مالم تقله، فقد يكون منظوره للأمر مختلف؛ فكن واضحا فيما تريد
إخباره إياه، قله مباشرة وبهدوء.
- لا تقل: "أنت جعلتني/تجعلني غاضبا". استخدم "أنا"
بدلا من "أنت" للتعبير عما يحنقك وعن مشاعرك؛ حتى لا تدورا
في حلقة مفرغة من تراشق الاتهامات بلا جدوى.
- ضع في الاعتبار
أن المكوث في الموقف الباعث للانفعال في بعض الأحيان يكون سببا في تصعيد المشكلة
وتأزمها بدلا من حلها. لذلك عندما تجد أن الحديث بدأ أن يخرج عن المنحى العقلاني
في المناقشة، وبدأ الصوت العال في الظهور؛ فتوقفا عن الحديث لتجنب قول أي شيء يجرح
أي من الأطراف، على أن يتم الاتفاق على موعد آخر للعودة إلى الحوار بعد أن يهدأ
الجميع.
- هناك اعتقاد
خاطئ أن تقليلنا من حجم مشكلة الآخر من شأنه أن يخفف عنه. لا تفعل ذلك حلتى لو كنت
معتقدا بالفعل أن مايزعجه هو "أمر تافه" ((بالنسبة إليك))، لا تطلق
الأحكام. فتفهم مشاعر الآخرين ومشاركتهم إياها يشعرهم بالدعم والمساندة، ويصرف
عنهم كثيرا من الطاقة السلبية.
- الوصول للحل معا "WE-FOCUSED
SOLUTION":
- كن مرنا، اقترح
أكثر من حل، وشجع الطرف الآخر على إبداء آرائه واقتراح ما يراه من حلول.
- استخدم "و"
بدلا من "لكن/ بس" ؛ مثال:
"أنا معك وأرى أنه من الممكن.."، بدلا من "أنا معك لكن..".
فذلك سوف يشعر الآخر أكثر أنك معه تتجهان نحو الحل والوصول إلى أرضية مشتركة، لا
أن النزاع ما زال قائما بين طرفين أو رغبة ورغبة مضادة.
- التسوية: هي
الوصول لأرضية مشتركة، بالاتفاق على أنسب الحلول بالنسبة لأطراف النزاع؛ بحيث يتم
إرضاء جميع الأطراف بأكبر صورة ممكنة.
- ثقافة الاعتذار:
- عندما تكون
مخطئا في حق الطرف الآخر، لا تختلق الأعذار وتأخذ نمطا دفاعيا وتبدأ في سرد
المبررات؛ بل اعترف بالخطأ بصدق. ضع نفسك مكانه واخبره بشعورك بالضيق لتسببك في
ألم أو مشكلة له، ثم اخبره مباشرة كيف يمكن إصلاح هذا الخطأ أو كيف يمكن تجنب
حدوثه مستقبلا.
- الفكاهة:
- أداة يجب
استخدامها بحرص عندما نكون بصدد أزمة أو مشكلة أو نزاع نسعى إلى حله. فهي تؤدي إلى
التخفيف بعض الشيء من ثقل الأمور، وقد تؤدي إلى نتائج عكسية على الإطلاق!
فاستخدمها في الوقت المناسب وعندما يكون الطرف الآخر مستعدا لذلك، وبالقدر المناسب
الذي يلائم السياق.
- لا تسخر ولا
تتهكم؛ اضحك معهم لا عليهم.
تذكر دائما أن كثيرا من الأشياء التي نبالغ
في تقديرها في البداية، تنتهي على كونها مجرد سوء تفاهم.. فكن مرنا متسامحا.
الغضب(3): استراتيجيات الاسترخاء والتنفيس
التعامل مع الغضب(4): أسلوب حياة
اقرأ أيضاً:
الغضب(2): التواصل الفعّالالغضب(3): استراتيجيات الاسترخاء والتنفيس
التعامل مع الغضب(4): أسلوب حياة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق