الاثنين، 26 سبتمبر 2016

التعامل مع الغضب(4): أسلوب حياة

التعامل مع الغضب(4): أسلوب حياة



·         التعامل مع الغضب لا يكون فقط بمحاولة الحد من الانفعال الزائد في المواقف والمشكلات المختلفة. لا تقف عند هذه النقطة؛ بل واصل الطريق بوضع أهدافاً في حياتك تتمنى أن تحققها، ومشاعر جديدة تحلم بتجربتها.
·         عندما يكون لديك (هدف) تسعى إلى تحقيقه، ستقل احتمالات أن تشغلك الصغائروتغضبك، وسيصبح أملك في الوصول إلى الهدف محفزاً لحياة أكثر إشراقأً في الحاضر والمستقبل.
  • لا للقولبة:

-اخرج من تلك الصورة النمطية التي اعتدت واعتاد الآخرون أن تكون عليها.
- اسع حتى تصبح ما تريد حقاً أن تكون عليه.
- لا تجعل أحد يضعك في قالب أنك "الشخص الغاضب". اخرج نفسك من تلك الصورة النمطية تدريجياً، وانزع تلك الصفة عن ذاتك.
- لا تجعل أحد (( مهما كان )) يسيطر على عقلك، ولا على حياتك. فكل إنسان مسئول عن روحه التي وهبها الله له. لا تسمح لأحد بأن يكون المحرك لكيانك حتى وإن كان والدك أو والدتك! فاحترام الآخر ورأيه واستشارة المقربين والأكثر خبرة شيء، وأن تعطي حياتك وعمرك على طبق من فضة لإنسان آخر ليتصرف فيه كيفما يشاء شيء آخر. لا تقع في مثل ذلك الخطأ الجسيم. انطلق في الحياة بقلب جسور، ولا تسمح لأحد بأن يصنع لك إطاراً لا يمثلك ويضعك فيه.
- أحياناً كثيرة تفرض علينا مجتمعاتنا وعلى قراراتنا كثيراً من التحجيم والتضييق؛ مما يجعلنا نثور ونغضب ونكون في حالة توتر مستمر، أو نكبت ونحبط ونكتئب ونعتزل بأنفسنا ونتغرب. وما يجب علينا فعله حيال ذلك الأمر هو أن نرسم لأنفسنا الخطة ونسير وفقاً لأهدافنا ومبادئنا بطريقة ذكية سلسة، دون اصطدام مباشر عنيف مع ما اعتاد عليه المجتمع؛ حتى نصل إلى ما نريد وما يمثل قناعاتنا والحياة التي نريد أن نكون عليها.
  • المثابرة:
- اجعل في حياتك شغف بشيء معين، وكن منفتحاً على الخبرات.
 - اجعل لحياتك تفاصيلها الخاصة التي تتوه فيها كلما اردت بعضاً من الوقت الخاص بك.
- ابن حياة لنفسك بنفسك. ابن قصراً أنت تختار أثاثه وتنظيمه وتفاصيله. اجعل لحياتك ثقلاً حتى لا تهزك الرياح.
- ستمر عليك أوقاتاً تجد نفسك فيها سئمت من التغيير، وتشعر أنك مازلت تفعل نفس التصرفات القديمة التي كانت تجلب عليك المتاعب. إن تغيير ما اعتدنا عليه ليس بالأمر السهل؛ فإنه يحتاج بعض الوقت. ومع إحلال العادات الجديدة مكان تلك المعتادة، وبالمثابرة وعدم الاستسلام يصبح التغيير ممكناً. فالطريقة التي نعبر بها عن غضبنا ما هي إلا سلوكيات متعلمة والتعلم بالممارسة والتدريب والتكرار.
- سجل في دفتر ملاحظات المواقف التي جعلتك ترد رد فعل غاضب خلال اليوم، أو شعرت فيها بالضيق أو الاستياء، ثم اختر وقتاً من يومك تكون فيه صاف الذهن وراجع كل موقف سجلته. فكر في طرق أخرى كان من الممكن أن تتعامل بها مع الموقف بطريقة مختلفة. هذه الطريقة ستساعدك على زيادة وعيك بسلوكك، وستتسم ردود أفعالك مع الوقت بالذكاء والانضباط والحكمة.
 - تعاملك مع الأشياء البسيطة بهدوء سيقلل بدوره فرص استثارتك من الأشياء الأكثر تعقيداً.
 - ضع أكثر من خطة لحياتك، وضع للخطة الواحدة أكثر من طريقة للوصول. اعط لنفسك أكثر من فرصة ولا تكف عن المحاولة. فنحن نحترم ذواتنا عندما نحترم احتياجاتنا وأهدافنا، ونحب الحياة عندما نسعى لتحقيق ما نريد.وما أسعدها من لحظة تلك التي نفوز فيها بما حلمنا به! لحظة تستحق السعي والتجربة. 
  • ملحوظات:

- فرّق بين (تطوير الذات) و (جلد الذات). فالأولى تعني استغلال قدراتك وإمكاناتك لأقصى حد ممكن، وتعلم المهارات التي تساعدك على ذلك. أما الثانية فتعني التقليل من إمكاناتك وقدراتك والتأنيب المستمر المبالغ فيه، ومقارنة مستمرة لوضعك بلآخرين، والعيش في كآبة وبؤس لا حاجة لهم على الإطلاق! اختر أن تكون مشجعاً لذاتك لا مثبطاً لهممها؛ فلكل منّا نقاط ضعفٍ وقوة، فتقبل ذاتك ثم طورها. اتبع "التصحيح التدريجي"، ولا تقسو على نفسك.
- اجعل لأهدافك غاية إنسانية؛ وليس مجرد التنافس والمقارنة بالآخرين.
- الغاية لا تبرر الوسيلة؛ فنحن نضع أهدافاً لحياتنا لإعطائها معنى، أما تجريد أهدافنا من القيم والمبادئ والقواعد التي نؤمن بها فإنه ينزع عن الحياة كل معنى.
- قد يقاوم الناس في البداية تلك التغيرات التي تطرأ عليك في طريقك لتبديل الحياة التي اعتدت عليها بأخرى تريد أن تكون عليها، وقد يصبحوا مصدومين أو مندهشين. لا تيأس ولا تحبط، استمر في طريقك؛ وفي النهاية سيحترمون قرارك وكفاحك للوصول.
  • آليات التغيير/ التطوير الاجتماعي:

- نحن نعيش في مجتمعات ملأتها الأمية والجهل والفقر وغيرهم من أزمات اجتماعية وسياسية واقتصادية، وإننا لا نستطيع أن ندير ظهورنا لمثل تلك الأشياء التي تحيط بنا كأننا لا نراها. فإذا كان هذا مايبعث غضبك ويجعلك مستاء معظم الوقت، وعصبياً في مناقشاتك مع الآخرين؛ فاتخذ طرقاً أخرى أكثر فعالية وأقل استنفاذاً للطاقات بلا جدوى.
- الأمثلة قد تكون: التطوع لخدمة وتعليم الآخرين، والاشتراك في منظمات المجتمع المدني، أو أن تكوّن مجموعة من الأصدقاء لفعل عمل خيّر ما، أو نشر الكتب أو الروايات التي تحوي أفكارك وتنتشر بصورة أكبر، أو عن طريق الرسم، أو تأليف المقطوعات الموسيقية، أو إخراج الأفلام والأفلام القصيرة (علماّ بأن وسائل التواصل الاجتماعي جعلت ذلك أيسر وأكثر انتشاراً).
- كن مؤثراً في الآخرين بطريقة بناءة ذات بعد ورؤية، وأكثر ثقلاً وأقل هشاشة.


- مهما كانت النتائج، وصولك بنفسك إلى حياة ذات معنى هو نجاحاً في حد ذاته.

اقرأ أيضاً:

الغضب(3): استراتيجيات الاسترخاء والتنفيس

الغضب(3): استراتيجيات الاسترخاء والتنفيس 


  • عندما نغضب تزيد ضربات القلب ويزيد معدل التنفس ويتم إفراز هرمون الأدرينالين تهيئاً لحالة طوارئ يستعد فيها الجسم للهروب أو المواجهة.
  • وعندما لا يحتمل الموقف كل ذلك الانفعال والضغط الذي يجعلنا في حالة متوترة، فإنه يكون من الأفضل عندئذ إعادة الجسم إلى حالته الطبيعية.
  •  التنفس العميق: تنفس بعمق وببطء. حاول أن تأخذ (8 : 10 ) نفساً في الدقيقة الواحدة. ردد في ذهنك عبارات في اثناء ذلك تساعدك على أن تهدأ أكثر؛ مثل: "اهدأ"، "الأمر أبسط من ذلك"، هذا الوقت سوف يمر"..إلخ.
  •  حول الطاقة السلبية إلى إيجابية: بدلا من توجيه توترنا تجاه الآخرين، قم بممارسة الرياضة بانتظام. فلقد توصلت نتائج العديد من الدراسات أن ممارسة الرياضة بانتظام من شأنها تحسين المزاج وخفض معدلات التوتر.
  • يمكنك أيضاً أن تسجيل اشتراكك بنادٍ، وممارسة لعبة جماعية يوماً أو يومين في الأسبوع، أو ممارسة رياضة الجري يوماً في الأسبوع .. تابع مارثونات الجري التي تنظم يومياً وأسبوعياً.
  •  صف ذهنك عن طريق ممارسة اليوجا بانتظام أو "التأمل"، شاهد شروق الشمس وغروبها، امش إلى جوار النيل.
  • قد تكون "نفسك" هي آخر من تود الحديث معه أو الجلوس إليه؛ بل أن "التنزه وحدك" هي فكرة غير معتادة بالنسبة إلى الكثير منّا. وإن هذا لخطأ كبير؛ لأننا إن لم نستطع أن نفهم أنفسنا فكيف لنا بفهم الآخرين؟! إن الوعي بذواتنا واحتياجاتنا وأفكارنا أمر غاية في الصحة. فيجب أن نعطي الفرصة لأنفسنا للتفكير العميق والتأمل، وأن نعطي الفرصة لأجسادنا للاسترخاء.
  • من الأفكار الجيدة أيضاً أن تأخذ حماماً دافئاً قبل النوم بعد قرائتك لكتاب مفضل.
  • ( البيئة ) و (الصحبة ) لهما تأثير كبير في اعتدال مزاجك من عدمه.
  • هناك حديث شريف يقول: "الْمَرْءُ عَلى دِينِ خَلِيلِه، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخالِلُ". مصادقتك لشخص يتسم بصفات كالرزانة والرصانة والهدوء من شأنه أن يضفي تغيراً إيجابياً في طريقة تعاملك وردود أفعالك حتى من دون أن تشعر. كما أنه سيكون أول من ترغب باستشارته عندما يحيرك موقف ما، وستجده خير مستمع ومتفهم لك عندما ترغب بالبوح بما يضيق به صدرك.
  • إذا كان من الصعب تغيير البيئة التي تبعث حنقك وتوترك؛ فحاول أن تجد نطاقاً هادئاً فيها، واقض بعض الوقت مع نفسك للهدوء والاسترخاء من نمط حياتها المتسارع.

  • اقرأ أيضاً:

الغضب(2): التواصل الفعّال

الغضب(2): التواصل الفعّال


  • من أحد أكثر الأسباب التي تزيد الموقف توترا وتتسبب في تصاعد المشكلات هو (سوء التواصل)، لذلك ففيما يلي بعضا من النقاط والأساليب التي يمكن أن نتبعها لتنقلب الأمور رأسا على عقب؛ فتتجه الأمور لتكون في صالحنا لا ضدنا.

  • قوعد:

- "الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية". فالعالم مليء بالاختلافات وتباين الثقافات؛ بل إن جزء من رونقه يكمن في ذلك الاختلاف.

- كن مرنا، لا تهول الأمور، وانظر للأشياء من عدة زوايا.

-اختر الوقت المناسب لكل شيء: للحديث أو الإنصات، لاستخدام الفكاهة، لإبداء الحزن أو الفرح..إلخ.

- اظهر التعاون والاهتمام والتعاطف، واستشر الآخرين.

- اعط دائما لنفسك دقيقة لتفكر قبل أن تتكلم.

- اضحك معهم، لا عليهم.

- لا تتبع (نظرية المؤامرة) في تعاملك مع الآخرين. فمعاملة الناس بصدق وحب ليست ميثاقا بأنهم اصبحوا أصدقاء مقربين؛ وإنما تدل على الود والاحترام الذي تكنه لهم، والتواضع الذي تتسم به شخصيتك.

- لا تكن عنصرياً، احترم الآخرين على اختلاف أفكارهم واتجاهاتهم ومعتقداتهم؛ فاحترام الآخر لا يعني اعتناق ما يؤمن به.

- إذا كنت قلقاً بشأن مقابلة شخص ما أو تحضر لاجتماع ما، وشعرت بالإزعاج تجاه ذلك؛ فحضر النقاط والعناصر الهامة التي تود الحديث عنها مسبقا وتدرب على ما تود قوله. فهذا من شأنه أن يخفض من حدة توترك ويجعلك مستعداً أكثر.

  • ( الحزم ) أفضل أساليب التواصل:

- أحياناً نعتقد خطأ أن الحزم هو الجفاء في التعامل مع الآخرين. وعلى العكس من ذلك فإن الحزم هو أفضل أساليب التواصل؛ حيث يتوسط (الأسلوب العدواني Aggressiveness ) والذي يميل إلى القسوة في التعامل مع الآخرين، و (الأسلوب السلبي Passiveness ) الذي يختار دائما ألا يختار حيث يميل إلى التنازل والانسحاب.

- الحزم يعني أن تعبر عن ذاتك واحتياجاتك ووجهة نظرك وحقوقك محافظاً على هدوئك. فالحزم يتضمن احترامك لنفسك ولحقوقها محافظاً على حقوق الآخرين أيضاً غير متعد.

**الشخص الحازم:
- مباشر، لا يحب التلاعب. واضح وبسيط وموجز؛ ليتجنب إساءة فهم رسالته.

- يقدر "قوة الكلمة" ، ويشجع الآخرين على إبداء آرائهم ومقترحاتهم أيضاً.

- لا يسخر من الأخرين.

- لا يعتذر عن رأيه؛ لكن يتحمل مسئولية الاعتذار عن خطئه.

- عندما ينقد يكون بناء؛ كما أنه ينقد الأفكار، لا الأشخاص.

- يحيا وفقاً لمبادئه وقواعده، لكنه لا يقلل من شان الآخر؛ فهو يؤمن بأن لكل حق الاختيار.

- عندما لا تكون هناك "إجابة صحيحة"، لا يتشنج أو يتهكم؛ وإنما يكون بسيطاً سهلاً قائلاُ بود: "ربما تكون محقاً".

- يستخدم نفس الجملة السابقة: "ربما تكون محقاً" عندما يجد أن الحوار وصل إلى طريق مسدود وفقد رونقه ومتعة المناقشة. فهو يقف عند نقطة أن لكل شخص وجهة نظره، ويتجنب الوقوع الأعمى في المشكلات والخصومات والنزاعات وخسارة الأحباء.

- يشجع الآخرين ويهم بساعدتهم؛ لكنه يعرف متى يقول "لا" عند الضرورة، وعندما لا يرغب في أداء أمر معين أو الذهاب إلى مكان لا يحبه، أو عندما يكون جدوله مثقلا بالأعمال.

- عندما يتم سؤاله عما يريد، يجيب. فلا يقول: "لا أعرف" أو "أي شيء".

- يرسم حدوداً واضحة لنفسه؛ حيث يحدد بدقة احتياجاته ومتطلباته وما له وما عليه، كما يحدد الطريقة التي يود أن يعامله بها الآخرون. وفي ذات الوقت فهو يحترم الحدود التي يضعها الآخرون لأنفسهم.

- واثقا بنفسه معتداً بها. فهو يحتفل بنجاحه ويسعد به لكن ليس على حساب الآخرين؛ فهو لا يعلي من شأنه عن طريق التقليل من شأن الآخر. الشخص الحازم واثقاً متواضعاً، لا أنانياً.

- لا يستخدم كلمات مثل: "يجب"، و "المفروض". فهو يبتعد عن استخدام لغة الحديث التي تميل إلى إطلاق الأحكام؛ ويستخدم كلمات بديلة، مثل: "أفضل"، "أود"، "أتمنى".. إلخ.

- "اممممم" ليست في قاموس حديثه ! فهو يتحدث بثقة ويستطيع التعبير عن نفسه، ويشجع الآخرين على ذلك أيضاً.


-لاحظ أن:
(الحزم) بالنسبة للأسلوب العدواني "ضعف"، وبالنسبة للأسلوب السلبي "تعدٍ". فاعلم أنه من الطبيعي أن تقابل أشخاصاً لم يعتادوا مثل هذا الأسلوب في التواصل؛ بل وقد لا يرغبون في التعامل معك. إنك لا تستطيع التحكم في سلوك الآخرين، لكنك تستطيع التحكم في سلوكك أنت. فحافظ على هدوءك والتزامك وانتباهك لحياتك وعملك أياً كانت المتغيرات مهما حدث.

  •  لغة الجسد:

- أول اهتماماً لمظهرك؛ لأنه يترك رسائل وانطباعات لدى الآخرين.

- حافظ على التواصل البصري بصورة معتدلة مع من تتحدث إليه.

- تحدث بصوت هادئ واضح واثق، غير مندفع ولا عال.

- تجنب "الجلجلة" المفرطة عند الضحك، أو الابتسام الزائد عن الحد لأنهما قد ينما عن توترك؛ فحافظ على الاعتدال.

- لا تتملل، ولا تهز قدمك بعصبية، حافظ على هدوئك.

- تجنب تربيع الأيدي ووضع قدم على الأخرى. لا تطأطأ، ابق ظهرك مفرداً إلى الخلف؛ وحافظ على الوضع الصحيح المعتدل لجسمك عند الوقوف أو الجلوس.

- استخدم الكف المفتوح وتجنب قبض يديك بعصبية.

- ابد انفتاحاً مخلصاً للحوار مع الآخر، لا تحفظاً.

- حافظ على مسافة مناسبة مع محدثك؛ بحيث لا تزيد أو تنقص عن الحد.

اقرأ أيضاً:

الغضب(1): حل المشكلات

الغضب(1): حل المشكلات

تحرير/ Reem                  صور/ أشرف مسعد
                                             ندى إبراهيم

  • عندما نتحدث عن الغضب يجب أن ننظر إليه من عدة زوايا وليس زاوية واحدة. فالغضب قد يكون ضارا عندما يكون سببا في أن نخسر أشياء تعز علينا ثم نقع في بؤرة الندم، وقد يكون ضارا للغاية إذا تركناه يتفاقم ويصل إلى مرحلة الاضطراب الذي يجب أن يعالج على الفور؛ عندما يكون هو ذلك الحاضر المدمر بصورة مستمرة وزائدة كثيرا عن الحد في حياتنا اليومية وفي علاقاتنا مع الآخرين وفي علاقتنا مع ذاتنا، مسببا لنا أمراض نفسية وجسمية. وقد يكون مفيدا عندما نرسم الحدود ونضع القواعد التي تحدد ملامح رئيسة أو تفاصيل هامة في حياتنا تبلور ما لنا وما علينا. وقد يكون مفيدا بصورة أكبر عندما يكون الوقود الذي يحرك ثورات التغيير الاجتماعي والنهوض بالمجتمعات والمطالبة بحقوق فئاتها.
  • فأي غضب يكون مفيدا بناء؟ هل الغضب يعني الصوت العال أو الاعتداء على الآخرين أو تدمير أنفسنا ؟!
  • المشكلة ليست في الانفعال ذاته، وإنما في الطريقة التي نسلكها في التعبير عنه؛ عندما تكون بصورة مبالغ فيها فتسبب لنا العديد من المشاكل، أو عندما يُكبت فيؤدي الكبت المستمر إلى نتائج عكسية حيث الغضب لأتفه الأسباب أو الانفجار غير المتوقع.
  • · لذلك نتناول هذا الموضوع في سلسلة من المقالات التي تشرح بالتفصيل عدد من الاستراتيجيات التي يمكن أن نستخدمها للتعامل مع هذا الانفعال بصورة صحيحة، وحل مشكلاتنا معه بصورة جذرية.

حل المشكلات

  • عندما تواجه مشكلة فإن أول شيء يجب أن تفعله هو أن تهدأ، وتستجمع قواك وتصف ذهنك؛ ليعمل عقلك على حلها بطريقة عقلانية. فالعصبية والمحاولة العشوائية المتهورة لإيجاد حل، لن تجلب لك إلا مزيدا من التوتر والتعثر والقلق.
  • اخرج نفسك من الصورة، انظر إليها من بعيد، تخيل حلولا للمشكلة ودوّنها؛ ثم اختر من بين الحول أفضلها لتجربته.
  • " لا خاب من استشار ". فاستشارة الآخرين وأخذ آرائهم سيوسع لك آفاق الحل ويزيد من رؤيتك. استشر المقربين إليك، وأصدقاءك، ومن تثق بآرائهم وحكمتهم، وأصحاب التجربة.
  •   الغضب لمشكلات وهمية:

- ليس شرطا أن يحدث الغضب لسبب مباشر، فقد يكون هناك مصدر داخلي باعث دائما للتوتر. فنجد الغضب حينئذ ستارا يخفي خلفه الكثير من الصراعات والاضطرابات، والتي تكون بمثابة النار التي تكمن خلف الرماد.
ففي بعض الأحيان يكون الغضب انفعالا ثانويا ناتجا عن انفعالات رئيسة؛ كالحزن، أو الخوف، أو القلق، أو الفقدان، أو حتى للرغبة في السيطرة الناتجة عن قلة الثقة في النفس وعدم الأمان الداخلي وعدم التحكم الحقيقي.
- فعندما تجد نفسك تغضب بصورة مبالغ فيها ولأسباب لا تستحق كل ذلك الانفعال، ابدأ في التفكير مطولا وبعمق لمعرفة الأسباب الحقيقية التي تكمن وراء المشكلة. فمعرفتك بالسبب الرئيسي الذي يستثير غضبك في كل مرة، هو أول الخيط الذي سيؤدي بك إلى حل الأمر بصورة جذرية.
  • حل النزاعات:

- عندما تغضبنا تصرفات شخص ما فإن رد فعلنا لا يجب أن يكون صب جم غضبنا عليه، ولا يكون بالانسحاب والكبت والضغط على أنفسنا في كل مرة نتعامل معه؛ لكن إذا كان هذا الشخص مهما بالنسبة إليك وفي دائرة علاقاتك، فيجب أن تجلسا معا على مائدة الحوار للوصول إلى تسوية وحل النزاع بينكما.
- اكتب قائمة بالنقاط الرئيسة التي تود مناقشتها قبل الحوار؛ حتى تكون الرؤية لديك أكثر وضوحا وأقل تشوشا.
- لا تجلس إلى مائدة الحوار مستبقا توقعات بفشله.
- انصت عندما يتحدث الطرف الآخر وابد الاهتمام من خلال تعابير وجهك، ولا تحضر في عقلك الكلمات والعبارات التي سوف تصعقه بها في ردك عليه؛ فهذا يجب أن يكون حديثا، لا "معركة حديث"!
- من الطبيعي أن نصبح "دفاعيين" عندما يتم انتقادنا، لكن تجنب قول أشياء تندم عليها لاحقا. فللكلمة أكبر تأثير بالإيجاب أو السلب؛ فتمهل وفكر، وتعلم كيف يمكن أن توجه كلمتك لتكون مثمرة لا هدامة.
-التحدث مع شريكك في أي مشكلة تواجهكما بعقلانية وبهدوء، فضلا عن أنه سيجنبكما المشاكل التي تنجم عن العنف اللفظي والجسدي أو الكبت؛ فإنه سيجعلكما أقرب إلى الحل، كما أنكما ستقفان على نقاط القوة والضعف في العلاقة مما يهيئ لتطويرها باستمرار.
- هدوءك من دوره أن يقلل من غضب الآخر؛ لكن فرّق بين (الهدوء) و (اللامبالاة).
-لا تقرأ الأفكار، ولا تكمل كلامهم قبل أن يفعلوا حتى لو كنت تعلم ما سيقولونه. اعط الآخر فرصته ومساحته في الحديث.
- لا للفوازير: لا تتوقع أن يحرز الطرف الآخر مالم تقله، فقد يكون منظوره للأمر مختلف؛ فكن واضحا فيما تريد إخباره إياه، قله مباشرة وبهدوء.
- لا تقل: "أنت جعلتني/تجعلني غاضبا". استخدم "أنا" بدلا من "أنت" للتعبير عما يحنقك وعن مشاعرك؛ حتى لا تدورا في حلقة مفرغة من تراشق الاتهامات بلا جدوى.
- ضع في الاعتبار أن المكوث في الموقف الباعث للانفعال في بعض الأحيان يكون سببا في تصعيد المشكلة وتأزمها بدلا من حلها. لذلك عندما تجد أن الحديث بدأ أن يخرج عن المنحى العقلاني في المناقشة، وبدأ الصوت العال في الظهور؛ فتوقفا عن الحديث لتجنب قول أي شيء يجرح أي من الأطراف، على أن يتم الاتفاق على موعد آخر للعودة إلى الحوار بعد أن يهدأ الجميع.
- هناك اعتقاد خاطئ أن تقليلنا من حجم مشكلة الآخر من شأنه أن يخفف عنه. لا تفعل ذلك حلتى لو كنت معتقدا بالفعل أن مايزعجه هو "أمر تافه" ((بالنسبة إليك))، لا تطلق الأحكام. فتفهم مشاعر الآخرين ومشاركتهم إياها يشعرهم بالدعم والمساندة، ويصرف عنهم كثيرا من الطاقة السلبية.
- الوصول للحل معا "WE-FOCUSED SOLUTION":
- كن مرنا، اقترح أكثر من حل، وشجع الطرف الآخر على إبداء آرائه واقتراح ما يراه من حلول.
- استخدم "و" بدلا من "لكن/ بس" ؛ مثال: "أنا معك وأرى أنه من الممكن.."، بدلا من "أنا معك لكن..". فذلك سوف يشعر الآخر أكثر أنك معه تتجهان نحو الحل والوصول إلى أرضية مشتركة، لا أن النزاع ما زال قائما بين طرفين أو رغبة ورغبة مضادة.
- التسوية: هي الوصول لأرضية مشتركة، بالاتفاق على أنسب الحلول بالنسبة لأطراف النزاع؛ بحيث يتم إرضاء جميع الأطراف بأكبر صورة ممكنة.
- ثقافة الاعتذار:
- عندما تكون مخطئا في حق الطرف الآخر، لا تختلق الأعذار وتأخذ نمطا دفاعيا وتبدأ في سرد المبررات؛ بل اعترف بالخطأ بصدق. ضع نفسك مكانه واخبره بشعورك بالضيق لتسببك في ألم أو مشكلة له، ثم اخبره مباشرة كيف يمكن إصلاح هذا الخطأ أو كيف يمكن تجنب حدوثه مستقبلا.
- الفكاهة:
- أداة يجب استخدامها بحرص عندما نكون بصدد أزمة أو مشكلة أو نزاع نسعى إلى حله. فهي تؤدي إلى التخفيف بعض الشيء من ثقل الأمور، وقد تؤدي إلى نتائج عكسية على الإطلاق! فاستخدمها في الوقت المناسب وعندما يكون الطرف الآخر مستعدا لذلك، وبالقدر المناسب الذي يلائم السياق.
- لا تسخر ولا تتهكم؛ اضحك معهم لا عليهم.


تذكر دائما أن كثيرا من الأشياء التي نبالغ في تقديرها في البداية، تنتهي على كونها مجرد سوء تفاهم.. فكن مرنا متسامحا.

اقرأ أيضاً:

الغضب(2): التواصل الفعّال
الغضب(3): استراتيجيات الاسترخاء والتنفيس
التعامل مع الغضب(4): أسلوب حياة